قضت غرفة جرائم الأموال الابتدائية بالرباط، ببراءة 8 متهمين بتبديد أموال عامة بالجماعة الحضرية للفنيدق، وذلك في موضوع شبهات اختلالات في تنفيذ الشركات النائلة لصفقات أشغال تجهيز البنيات التحتية، وتبليط الطرق بالزفت والإسمنت، وفتح المسالك، مع شبهات تقصير مراقبة القسم التقني للأشغال والتتبع.
ومن ضمن المتهمين الذين قضت هيئة المحكمة في حقهم بالبراءة، أحمد الحجوبي، المهندس البلدي ورئيس القسم التقني بالجماعة الحضرية للفنيدق، الذي تقاعد من العمل قبل سنوات، ورضوان النجمي، رئيس الجماعة الحضرية للفنيدق الحالي، الذي كان آنذاك يعمل في مجال الأشغال والمقاولات، فضلا عن أحمد خطار، الرئيس الذي تحمل المسؤولية سنة 2009، ويشغل خلال الولاية الانتخابية الحالية منصب النائب الأول للرئيس، وأحمد التهامي الذي تحمل مسؤولية التسيير بالجماعة سنة 2003، ناهيك عن مهندسين وتقنيين ومقاولين فازوا بصفقات عمومية.
وحسب مصادر مطلعة، فان القضية انطلقت على إثر تقرير المجلس الجهوي للحسابات بطنجة، بشأن مراقبة تسيير الجماعة الحضرية للفنيدق، حيث أحدث وزير العدل والحريات آنذاك لجنة خاصة وكلفها باستخراج الأفعال التي تكتسي طابعا جنائيا في تقرير المجلس الأعلى للحسابات الصادر سنة 2011، وإحالتها مباشرة على النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالرباط، دون أن تتم إحالة الملف من طرف النيابة العامة بالمجلس الأعلى للحسابات، كما تقتضيه مدونة المحاكم المالية.
واستنادا إلى المصادر نفسها، فإن هيئة التأديب المالي وشؤون الميزانية بالمجلس الجهوي للحسابات بطنجة، قامت بالبت في المخالفات الواردة في تقرير تسيير الجماعة الحضرية للفنيدق، وأصدرت الحكم رقم 1 / ت م ش م / 2018 بتاريخ 17 يناير 2018 بالغرامة في حق المهندس بالجماعة، والحكم رقم 2/ ت م ش م / 2018 الصادر في 6 فبراير 2018 بالبراءة في حق أحمد التهامي.
وأضافت المصادر ذاتها أن النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالرباط أحالت ملف القضية على الشرطة القضائية بولاية الأمن بتطوان، التي أجرت البحث التمهيدي في الموضوع المذكور، وقامت بالإجراءات الخاصة بالاستماع وتعميق البحث في المخالفات التي أتت في تقرير المراقبة للمجلس الجهوي للحسابات الخاص بتسيير جماعة الفنيدق، وذلك قبل أن تعمل النيابة العامة المختصة على إحالة القضية نفسها على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، التي قامت بتوسيع دائرة البحث من قبل المكتب الوطني لمكافحة الجريمة الاقتصادية والمالية، وخلصت نتائج البحث في المرجع رقم 2013/3222/39 بتاريخ 2 يوليوز 2014، إلى أنه لم يثبت من خلال التحريات والأبحاث في القضية المذكورة، اقتراف أفعال إجرامية تستوجب عقوبات جنائية.
وذكر مصدر أن الملف المذكور رافقته منذ سنوات طويلة صراعات قوية وتصفية حسابات سياسية بين الأحزاب التي تتنافس على التسيير والفوز برئاسة المجالس الجماعية، حيث كان يظهر تناوله بشكل مكثف عند كل محطة انتخابية ويختفي بعدها بشكل نهائي، فضلا عن تصفية حسابات شخصية، امتدت لتصل حد إقحام الصراعات التي تشهدها أحزاب في المركز، وادعاءات النفوذ ومحاولات التأثير على القضاء.
وتثير القضية المذكورة، يضيف المصدر نفسه، مسألة ضبط العلاقة بين القضاء المالي والقضاء الجنائي، وكذا الحماية القانونية لقرينة البراءة لتلافي تبديد الزمن القضائي لدواع سياسية أو حزبية، أو انحرافات انتقامية شخصية، هذا إلى جانب ضرورة دعم تفعيل سياسة الدولة في مجال محاربة الفساد المالي، وهو رهان تشريعي بامتياز يفرضه دستور 2011.