قررت مجموعة العمل المالي (GAFI)، بإجماع أعضائها، إخراج المغرب من «اللائحة الرمادية»، بعد تقييم إيجابي لمسار ملاءمة المنظومة الوطنية مع المعايير الدولية الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ومحاربة الملاذات الضريبية، وذلك خلال أشغال الاجتماع العام الأخير لمجموعة العمل المالي المنعقد بباريس.
يتذكر الجميع أن خبراء مجموعة العمل المالي الدولية (گافي) قرروا في فبراير 2021، في ظل حكومة سعد الدين العثماني، تصنيف المغرب من بين الدول التي تعاني منظومتها القانونية والممارساتية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من نواقص استراتيجية، وآنذاك الجميع ساهم في جلسات اللطم والتباكي، لكن اليوم لا أحد يعير الاهتمام لأهم إنجاز للحكومة منذ تنصيبها.
ما ينبغي أن نفهمه عمليا من قرار مجموعة گافي التي لا تحابي أحدًا، أن مجرد خروج المغرب من اللائحة الرمادية إنجاز اقتصادي من شأنه رفع تدفقات رأس المال على شكل استثمارات أجنبية وتحويلات بنكية بمعدل متوسط قدره 7.6٪ من الناتج القومي الإجمالي، وارتفاع في الاستثمارات الأجنبية المباشرة بمعدل 3٪ من إجمالي الناتج المحلي، وفق ما أثبتته دراسة لصندوق النقد الدولي بخصوص الدول التي على القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي.
ومهما يكن، فإن قرار دركي المال الدولي هو إشارة إيجابية تجاه بلدنا في ظل الحملة المسعورة التي تحاول النيل منه، أولا لأنه قرار سيخرج المغرب من دائرة المراقبة المعززة لتقصيره في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والملاذات الضريبية، ثانيا لأنه سيرفع من منسوب الثقة في المغرب في مجال الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية والاستفادة من قروض الائتمان. ثالثا، هو قرار بمثابة شهادة اعتراف بالإصلاحات الرئيسية، في المجال المالي والضريبي والقضائي والأمني لتحسين مراقبة المال المشبوه. رابعا، من شأن القرار أن يعزز سيادة الدولة والاستقرار وثقة المستثمرين في المغرب في ظل توجه ملكي جارف نحو استقطاب الاستثمار الأجنبي ومحاربة كل أشكال عرقلته.
خامسا، تجاوز المساس بصورة المغرب التي ظلت منذ فبراير 2021 تحت التشكيك من لدن مؤسسات مالية دولية بوجود منافذ لغسل الأموال وتبييضها وأموال الإرهاب.
سادسا، القرار سيحفز على دخول الأموال إلى البلاد حيث سيضطر المستثمرون الأجانب إلى إعادة تقييم عملياتهم. صحيح أنه لا توجه فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية أعضاءها مباشرة لاتخاذ إجراءات ضد الدول المدرجة في القائمة «الرمادية». ومع ذلك، فإنها تطلب من الشركات ومن الدول الأعضاء أن تأخذ معلومات مجموعة العمل المالي في الاعتبار عند تحليل المخاطر في تركيا واتخاذ مزيد من الاحتياطات عند الضرورة.
والتحدي اليوم ليس التغني بالخروج من اللائحة الرمادية، بل عدم العودة إليها في السنة المقبلة أو بعدها، وهذا يتطلب من الحكومة ومؤسسات الدولة كل اليقظة الممكنة لمواجهة المال الفاسد والمشبوه والإرهابي.