دشن المتظاهرون في لبنان احتجاجاتهم المستمرة لليوم التاسع على التوالي بقطع طرق رئيسية في وقت مبكر اليوم الجمعة في العاصمة اللبنانية بيروت ومناطق عدة، تأكيدا على تمسكهم بمطلب رحيل الطبقة السياسية، رافضين الدعوة إلى الحوار التي أطلقها رئيس الجمهورية ميشال عون.
وقطع المتظاهرون الطرق الرئيسية في بيروت وتلك المؤدية إلى مطارها الدولي ومداخلها كافة، كما قطعوا طرقا في مناطق عدة شمالا وجنوبا، ويستخدم المعتصمون لقطع الطرق عوائق ومستوعبات نفايات وقطعا حديدية.
كما تم إحراق إطارات على طريق المطار، وفي أماكن أخرى نصب متظاهرون خيما وسط الطرق الرئيسية باتوا ليلتهم فيها، وأبقت المصارف والمدارس والجامعات أبوابها مقفلة.
ورفض المتظاهرون مبادرة الرئيس ميشال عون التي أعلن عنها في خطابه أمس الخميس، وقالوا إنها لا تلبي مطالبهم في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة وما يعتبرونه “فسادا مستشريا” في الحكومة اللبنانية.
ودعا الرئيس عون الخميس المتظاهرين إلى اختيار ممثلين عنهم ليلتقي معهم في “حوار بناء” من أجل “الاستماع تحديدا إلى مطالبكم، وتسمعون بدوركم من قبلنا مخاوفنا من الانهيار الاقتصادي”، كما أبدى انفتاحه على “إعادة النظر في الواقع الحكومي”.
ورغم اقتراح حكومة الحريري الاثنين الماضي ورقة إصلاحية اعتبرها الرئيس عون “الخطوة الأولى لإنقاذ لبنان وإبعاد شبح الانهيار المالي والاقتصادي عنه” فإنها قوبلت بغضب من المحتجين المتمسكين بإسقاط الحكومة وتغيير النظام في البلاد.
وتضمنت قرارات الحريري اعتماد مجلس الوزراء موازنة العام 2020 بدون إقرار ضرائب جديدة، مع إقرار بنود عدة وصفها بالإصلاحية، من ضمنها خفض رواتب النواب والوزراء، وإلغاء وزارة الإعلام ومؤسسات وصفها بغير الضرورية.
وأفادت غرفة التحكم المروري بأن القوى الأمنية أغلقت كل الطرق المؤدية إلى القصر الجمهوري بالأسلاك الشائكة وسط إجراءات أمنية مشددة.
حزب الله؟
وحاول أنصار تابعون لحزب الله أمس التشويش على الاحتجاجات في ساحة رياض الصلح وسط بيروت، مستخدمين أسلوب بث الشعارات الطائفية، حسب ما قال متظاهرون.
ويلقي الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله عصر اليوم الجمعة كلمة يتناول فيها التطورات اللبنانية، وكان نصر الله رفض في خطاب ألقاه قبل أيام استقالة الحكومة، داعيا إلى معالجات تأخذ بالاعتبار هموم الناس.
ويشارك حزب الله في الحكومة بثلاثة وزراء، لكنه جزء من الأغلبية الحكومية التي تضم وزراء محسوبين على رئيس الجمهورية وحزب الله وحركة أمل (رئيسها رئيس البرلمان نبيه بري) وحلفاء آخرين.
وكسر المتظاهرون في الحراك الشعبي غير المسبوق في لبنان “محرمات” عبر التظاهر في مناطق تعد معاقل رئيسية لحزب الله وتوجيه انتقادات له ولأمينه العام.
ولم تستثنِ هتافات وشعارات المتظاهرين زعيما أو مسؤولا، لكن ساحة رياض الصلح شهدت ليل الخميس توترا تطور إلى تدافع، بدأ مع إطلاق مجموعة من الشبان هتافات مؤيدة للأمين العام لحزب الله، رافضين إدراجه في الخانة ذاتها مع الطبقة السياسية التي يطالب المتظاهرون برحيلها، وأثار ذلك اعتراض بقية المتظاهرين.
وتدخلت قوة من مكافحة الشغب للفصل بين المتظاهرين، في حين أفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية بسقوط جريح على الأقل.
وفي مدينة النبطية التي تعد من أبرز معاقل حزب الله جنوبا، أقدمت شرطة البلدية قبل يومين على تفريق متظاهرين بالقوة، وتعرضت لبعضهم بالضرب، إلا أن المتظاهرين أصروا الخميس على مواصلة تحركهم، وقدم خمسة أعضاء في المجلس البلدي استقالاتهم احتجاجا على قمع المتظاهرين السلميين.